*ماذا تعرف عن "انترنت الأشياء" ؟
.
في ثمانينات و تسعينات القرن الماضي عاش العالم في عصر الحوسبة و الحواسب المكتبية و الشخصية و كانت هذه الموجة التي إستمرت في أوجها لمدة 15 سنة تقريباً هي طابع ذلك العصر فعلى سبيل المثال كانت رسالة مايكروسوفت حينها “جهاز على كل مكتب و في كل منزل” و هذا ما نجحت في تحقيقه بشكل كامل. ومع تطور المعالجات والشاشات إنتقلنا إلى عصر التجوال Mobility حيث شكل ظهور الآي فون في مطلع 2007 إنطلاقة الحقبة الجديدة من التكنولوجيا والعصر الجديد للحوسبة. فمن ذلك الوقت و حتى اللحظة و نحن نحمل في جيوبنا ما يستطيع القيام بمهام تفوق تلك التي يقوم بها حاسب مكتبي ضخم يقبع على مكاتبنا قبل 10 سنوات. مما لا شك فيه أننا سنعيش في عصر الأجهزة المحمولة لعدة سنوات قادمة ، ولكن هناك موجة ضخمة قادمة و بدأت تصلنا بعض من ملامحها منذ سنوات قليلة. نحن على وشك أن نعيش ما بات يعرف بعصر “إنترنت الأشياء” Internet Of Things أو ما يعرف إختصاراً بـ IoT .
كثيرة هي الجهات التي حاولت وضع تعريف دقيق لإنترنت الأشياء و لأنه لا يوجد جهة تمتلكه أو تتحكم به فبالتأكيد لن يكون هناك تعريف رسمي، ولكن ببساطة جميعها تصب في مفهوم واحد والذي أحب أن أوضحه بالنص التالي: انترنت الأشياء هو مفهوم متطور لشبكة الإنترنت بحيث تمتلك كل الأشياء في حياتنا قابلية الإتصال بالإنترنت أو ببعضها البعض لإرسال وإستقبال البيانات لأداء وظائف محددة من خلال الشبكة “
لا تحب التعريفات النظرية؟ أنا كذلك :) ببساطة إنترنت الأشياء هو العالم الذي بدأنا نعيش بعض من جوانبه حالياً حيث أن بعض الأشياء التي نستخدمها أصبح لديها قدرة الإتصال بالإنترنت، مثل الساعات ، التلفزيونات، إسوارات اليد، النظارات وغيرها. لكن ما الذي يخفيه لنا هذا العالم غير ما ظهر حتى الآن وما المقصود بـ “الأشياء” في عبارة إنترنت الأشياء؟
كل شيء ، كل شيء بمعنى الكلمة يدخل تحت مفهوم إنترنت الأشياء، الملابس، الأثاث، الأواني المنزلية، أعضاء الجسم، الشوارع، بل وحتى الحيوانات! على سبيل المثال الكثير من مزارع الأبقار حول العالم بدأت توصل أجساد الأبقار إلى الإنترنت لمراقبة وضعها الصحي و خصوبتها و نسبة بعض الهرمونات في جسدها و التي تدل على أفضل وقت لحلبها مما يساهم في إتخاذ قرارات دقيقة لتحسين عملية الإنتاج !
*بعض الأرقام عن إنترنت الأشياء:
سأترككم مع بعض الإحصائيات المثيرة للإهتمام من Business Insider وGartner .
– بحلول 2020، سيكون حجم سوق إنترنت الأشياء أكبر من سوق الهواتف المحمولة و أجهزة الحاسب و الأجهزة اللوحية مجتمعين بمقدار الضعفين! حيث ستصل عدد أجهزة إنترنت الأشياء إلى 35 مليار جهاز متصل بالإنترنت.
– يتوقع أن تصل إيرادات سوق إنترنت الأشياء إلى أكثر من 600 مليار دولار في عام 2020
– قطاع الأعمال سيستثمر 250 مليار دولار في تقنيات إنترنت الأشياء خلال الخمس سنوات القادمة، 90 % منها سيذهب للإستثمار في الأنظمة و البرمجيات التي تشغل هذه الأجهزة.
*سيناريو في عالم إنترنت الأشياء :
إذا كانت الأرقام السابقة مخيفة و لكنها لم توصل لك كيف ستكون حياتنا اليومية في هذا العالم. فإليك هذا السيناريو المصور من منتجات “إنترنت الأشياء” موجودة حالياً في الأسواق!
.
1- تستيقظ صباحاً وتفرش أسنانك بإستخدام فرشاة الأسنان الذكية التي تخبرك كم من الوقت إستخدمتها و هل قمت بتغطية جميع أنحاء فمك و نظفته بطريقة سليمة أم لا!
2- تلبس ملابسك و تستعد للخروج من المنزل و لكنك تقف للحظات أمام المرآة الذكية التي تطلعك على حال الطقس و آخر الأخبار و معلومات عن حال الطريق، قد يمتد وقوفك لدقائق إذا قررت قراءة ملخص الأخبار أو متابعة تغريدات من تتابعهم على تويتر!
3- في الطريق لعملك تقف عند مقهى “ستاربكس″ لتشتري “قراندي لاتيه” و تطلب من البائع تعبئته في كوبك “الذكي” الذي كلفك شراءه 200 دولار و ذلك ليخبرك الكوب بأن ما سكبه البائع لك هو فعلاً … لاتيه !!!
4- قبل مغادرتك العمل عائداً للمنزل بعد يوم متعب و حار، تقوم بتشغيل المكيف في غرفة المعيشة من خلال تطبيق جهاز التكييف المرتبط بالإنترنت في منزلك.
5- و أنت في الطريق للمنزل تتوقف عند السوبر ماركت لشراء بعض الحاجيات، و لكنك لست متأكد مما إذا كان هناك ما يكفي من البيض في ثلاجة المنزل، فتفتح تطبيق “طبق البيض الذكي” الذي يرتبط بالإنترنت ليخبرك كم بيضة متبقية و فيما إذا كان بعضها سيفسد قريباً !
6- بعد عودتك للمنزل، يعطيك جهاز “الأم الحنون” ملخص عن عائلتك، متى عاد أولادك من المدرسة، من منهم قام بتنظيف أسنانه، هل تناولت والدتك أدويتها في الموعد بل وتحضر لك كوب من القهوة أو الشاي لتناوله بعد القيلولة !
7- بعد أن ترتاح قليلاً، تقوم بإرتداء التيشيرت الرياضي المزود بمجسات تعمل على تحليل أداءك الرياضي ولياقتك القلبية والتنفسية بشكل دقيق وإرسالها لك عبر التطبيق الخاص بالتيشيرت !
8- أثناء ذلك تقوم ربة المنزل بإعداد طعام العشاء، و تستخدم في ذلك الوعاء الإلكتروني المتصل بالإنترنت و الذي يقترح عليها وصفات و أصناف من المأكولات و يقوم بتحديد الكمية الملائمة لكل طبق ترغب بإعداده.
9- في أثناء عودتك للمنزل من النادي يخبرك هاتفك بأن حاوية النفايات المتصلة بالإنترنت ممتلئة و أنه يتعين عليك إفراغها قبل الدخول للمنزل و قضاء الأمسية مع عائلتك.
10- تجلس مع عائلتك على مائدة العشاء و تتناول طبقك المفضل بإستخدام الشوكة الذكية المتصلة بالإنترنت، و التي تتتبع نمط و طريقة أكلك و تساعدك على الأكل بشكل أبطأ و بطريقة صحية.
11 حين تستعد للنوم، تقوم من خلال هاتفك بإغلاق جميع الأبواب الخارجية المزودة بأقفال إلكترونية مرتبطة بالإنترنت تسمح لك بتحديد أوقات القفل و الفتح أوتوماتيكياً و تحديد في حال حاول أي شخص فتح الباب بغيابك.
...لاحظ أن السيناريو السابق ليس مستقبلي أو خيالي، جميع ما تم ذكره من منتجات تستطيع شراءها اليوم . هذا ما يمكن لإنترنت الأشياء فعله اليوم لتغيير نمط حياتنا، تخيل ما يمكن لهذا المفهوم ان يغير في حياتنا بعد 10 سنوات من الآن !
*ما هي الفرص المتاحة في “إنترنت الأشياء” ؟
حسناً، سوق سيبلغ حجم الإنفاق فيه أكثر من 600 مليار دولار خلال 5 سنوات لا بد و أن الفرص فيه أكبر من أي سوق عرفه التاريخ. و لكن ما الذي عليك فعله اليوم حسب مجال إهتمامك؟
مبرمج: تعلم البرمجة في مجال الحوسبة السحابية Cloud Development . المنصات السحابية ستكون هي الحاضن الرئيسي لكل البيانات التي ستتبادلها الأجهزة في عالم إنترنت الأشياء. أيضاً تعلم البرمجة للحواسيب متناهية الصغر مثل Raspberry Pi
مهندس نظم: تعلم بناء و هيكلة الأنظمة السحابية و أدرس بعمق الفروقات بين إدارة الأنظمة في مراكز البيانات المحلية On-Premise و بين الأنظمة على السحابة.
مدير قواعد بيانات DBA: حول إهتمامك بشكل أكبر لمجالي البيانات الضخمة Big Data و ذكاء الأعمال Business Intelligence حيث ستحتاج الشركات لخبراتك في كيفية التعامل مع الكم الهائل من البيانات التي تملئ خوادهم بسبب تبنيهم لحلول “إنترنت الأشياء”.
مستشار تقنية معلومات: تخصص أكثر في الحوسبة السحابية و البيانات الضخمة و ذكاء الأعمال BI. ستحتاج الشركات و الحكومات لمشورتك في بناء أنظمة متفاعلة مع عالم إنترنت الأشياء عبر هذه التقنيات.
مستثمر / رائد أعمال: قدم حلول و برمجيات متصلة Connected تستند على منصات الحوسبة السحابية، إبني منتجات تقوم بأتمتة مهام حساسة، إستهدف قطاع الأعمال و المصانع أولاً و بدرجة ثانية الحكومات، لا تبدأ بقطاع المستهلكين فهم ليسوا مستعدين بشكل كامل لهذا النوع من التقنيات.
مستهلك: وسع محفظتك، كن مستعداً لإنفاق المزيد، فمعظم ما تراه الآن ترف لا داعي له من السيناريو السابق الذكر، سيكون خلال 10 سنوات شيء أساسي في حياتك، تماماً كالهاتف المحمول الذي تحمل أحدث موديل منه في جيبك اليوم!
ما أود قوله هنا هو أنه مهما تحدثت أو تحدث غيري عن إنترنت الأشياء فنحن نتحدث عن عصر لم تكتمل معالمه بعد و لم تتشكل القاعدة الصلبة لإنطلاقته الصاروخية المرتقبه، و لكن بالتأكيد أن هذا ما ستجلبه التكنولوجيا للبشرية، فهل أنت مستعد له.؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق